الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ٦٩
ولكن لما فيها من زيادة معنى الاستدراك في مثله قوله - ولكن لا يشعرون - فعلى هذا كان من الممكن أن تجتمع واو الحال مع العاطف بلا كراهية، والذي يدل على ذلك أنك لو قلت سبح الله وأنت راكع أو وأنت ساجد لكان فصيحا لا خبث فيه ولا كراهة، فالتحقيق والله أعلم في الجملة المعطوفة على الحال أن المصحح لوقوعها حالا من غير واو هو العاطف، إذ يقتضي مشاركة الجملة الثانية لما عطفت عليه في الحال فيستغنى عن واو الحال، كما أنك تعطف على القسم به فتدخله في حكم القسم من غير واو موقعة في مثل - والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى - وفي مثل - فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس والليل إذا عسعس - ولو قلت في غير التلاوة وبالليل إذا عسعس لجاز، ولكن يستغنى عن تكرار حرف القسم لنيابة العاطف منابه، فهذا والله أعلم سبب استغناء الجملة المعطوفة على الحال عن الواو المصححة للحالية. فالحاصل من هذا أنك إن أتيت بواو الحال مصاحبا للعاطف لم تخرج عن حد الفصاحة إلى الاستثقال بل أفدت تأكيدا، وإن لم تأت بها فكذلك في الفصاحة مع إفادة الاختصار، والله الموفق للصواب.
قوله تعالى (قال أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين) قال (فإن قلت: لم أجيب إلى استنظاره وإنما استنظر ليفسد عباده الخ) قال أحمد: وهذا السؤال إنما يورده ويلتزم الجواب عنه القدرية الذين يوجبون على الله تعالى رعاية المصالح في أفعاله. وأما أهل السنة فقد أصغوا حق الإصغاء إلى قوله تعالى - لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون - فلا يورد أحد منهم السؤال ولا يجيب عنه من يورده، والله الموفق.
قوله تعالى (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم). قال (والمعنى فبسبب وقوعي في الغي لأجتهدن في إغوائهم حتى يفسدوا بسببي الخ) قال أحمد: تحت كلام الزمخشري هذا نزغتان من الاعتزال خفيتان: إحداهما
(٦٩)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»