قوله تعالى (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) قال (فلم يفرق كما ترى بين النفس الكافرة إذا آمنت الخ) قال أحمد رحمه الله: هو يروم الاستدلال على صحة عقيدته في أن الكافر والعاصي سواء في الخلود بهذه الآية، إذ سوى بينهما في عدم الانتفاع بما يستدركانه بعد ظهور الآيات ولا يتم له ذلك، فإن هذا الكلام اشتمل على النوع المعروف من علم البيان والبلاغة باللف وأصل الكلام: يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا لم تكن مؤمنة قبل إيمانها بعد، ولا نفسا لم تكسب في إيمانها خيرا قبل ما تكسبه من الخير بعد، إلا أنه لف الكلامين فجعلهما كلاما واحدا بلاغة واختصارا وإعجازا، أراد أن يثبت أن ذلك هو الأصل، فهو غير مخالف لقواعد السنة، فإنا نقول: ا ينفع بعد ظهور الآيات اكتساب الخير وإن نفع الايمان المتقدم في السلامة من الخلود، فهذا بأن يدل على رد الاعتزال أجدر من أن يدل له، والله الموفق.
(٦٣)