الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ٤٠٨
قوله تعالى (وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ نحن ولا آباؤنا) إلى قوله (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليهم الضلالة) قال (يعني أنهم أشركوا بالله وحرموا ما أحل الله إلخ) قال أحمد: قد تكرر منه مثل هذا الفصل في أخت الآية المتقدمة في سورة الأنعام، وقد قدمنا حينئذ ما فيه مقنع إن شاء الله، والذي زاده هنا يثبت معتقده على ما زعمه بقوله تعالى - ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت - ووجه تمسكه به أن الله تعالى قسم العبادة إلى قسمين: مأمور به، ومنهي عنه، والأمر والنهي عند المصنف راجعان إلى المشيئة بناء على زعم القدرية في إنكار كلام النفس وحمل الاقتضاء على الإرادة. فالحاصل حينئذ من هذه التتمة أن الله شاء عبادة الخلق له وشاء اجتنابهم عبادة الطاغوت ولم يشأ منهم أن يشركوا به، وأخبر بهذه المشيئة على لسان كل رسول بعثه إلى أمة من الأمم، فجاءت التتمة مترجمة عن معنى صدر الآية مؤكدة بمقتضاها، هذا هو الذي زاده المصنف ههنا، وقد بينا أن مبناه على إنكار كلام النفس الثابت قطعا فهو باطل جزما. والعجب أن الله تعالى أوضح في الآيتين جميعا أن الذي أنكره من
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 401 402 403 404 405 408 409 412 413 414 415 ... » »»