الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ٣٧٥
لا يلائم معتقده، واستشهد على أن الكذب حينئذ غير ممتنع ولا متعذر بقوله تعالى - فيحلفون له كما يحلفون لكم - ثم لما ظن أن قول الشيطان هذا يلائم معتقده اجتهد في الاستدلال على تصويبه وتصحيحه وإن كان قائله الشيطان، كل ذلك منه اتباع للهوى حيثما توجه وأية سلك، ونحن معاشر أهل السنة الملقبين عنده بالمجبرة نقول:
إن الله تعالى إنما أورد هذا الكلام غير راد له ولا مخطئ فيه للشيطان كما اقتص كلام الكفار في الآية الأولى كذلك، ونحن نعتقد أن الملامة إنما تتوجه على المكلف، وأما الله تعالى فمقدس عن ذلك وحجته البالغة وقضاؤه الحق، وذلك أنا نعترف بما خلقه الله تعالى للعبد من الاختيار الذي يجده من نفسه عند تجاذب طرفي الأفعال الإرادية ضرورة، وبذلك قامت الحجة له على خلقه، وإن سلبنا على قدرة الخلق تأثيرها في الفعل فلا تناقض إذا بين عقيدة السنة وبين صرف الملامة إلى المكلف، والله الموفق.
قوله تعالى (وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام) قال (وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد - وأدخل الذين آمنوا - على فعل المتكلم إلخ) قال أحمد: فإن قلت:
ما الذي صرف الزمخشري عن حمله على الالتفات من التكلم إلى الغيبة، وألجأه إلى تعليقه بما بعده وقد كانت له في ذلك مندوحة والالتفات على هذا الوجه كثير مستفيض، ألا ترى إلى قوله تعالى - طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى - ثم قال - تنزيلا ممن خلق الأرض - ولم يقل تنزيلا منا؟ قلت لأمر ما صرف الكلام على هذا الوجه، وهو
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 372 373 374 375 376 378 384 385 386 ... » »»