قوله تعالى (قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة) الآية، قال (فيه المقول محذوف إلخ) قال أحمد: وفي هذا الإعراب نظر، لأن الجواب حينئذ يكون خبرا من الله تعالى بأنه إن قال لهم هذا القول امتثلوا مقتضاه فأقاموا الصلاة وأنفقوا، لكنهم قد قيل لهم فلم يمتثل كثير منهم، وخبر الله تعالى يجل عن الخلف، وهذه النكتة هي الباعثة لكثير من المعربين على العدول عن هذا الوجه من الإعراب مع تبادره فيما ذكر بادي الرأي، ويمكن تصحيحه بحمل العام على الغالب لا على الاستغراق. ويقوى بوجهين لطيفين: أحدهما أن هذا النظم لم يرد إلا لموصوف بالإيمان بالحق المنوه بإيمانه عند الأمر كهذه الآية، وكقوله - وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن - و - قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم - وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن - الثاني تكرر مجيئه للموصوفين بأنهم عباد الله المشرفون بإضافتهم إلى اسم الله، وقد قالوا إن لفظ العباد لم يرد في الكتاب العزيز إلا مدحة للمؤمنين وخصوصا إذا انضاف إليه تعالى إضافة التشريف. فالحاصل من ذلك أن المأمور في هذه الآي من هو بصدد الامتثال وفي حيز المسارعة للطاعة، فالخبر في أمثالهم حق وصدق، إما على العموم إن أريد، أو على الغالب، والله أعلم. عاد كلامه، قال (وجوزوا أن يقيموا بمعنى ليقيموا ويكون هذا هو المقول إلخ).
(٣٧٨)