أهله إلا من سبق عليه القول منهم ولم يكن كاشفا لحال ابنه المذكور ولا مطلعا على باطن أمره، بل معتقدا بظاهر الحال أنه مؤمن بقى على التمسك بصيغة العموم للأهلية الثابتة ولم يعارضها يقين في كفر ابنه حتى يخرج من الأهل ويدخل في المستثنين، فسأل الله فيه بناء على ذلك، فتبين له أنه في علمه من المستثنين، وأنه هو لاعلم له بذلك فلذلك سأل فيه، وهذا بأن يكون إبانة عذر أولى منه إن يكون عتبا، فإن نوح عليه السلام لا يكلفه الله علما استأثر به غيبا. وأما قوله - إني أعظك أن تكون من الجاهلين - فالمراد منه النهى عن وقوع السؤال في المستقبل بعد أن أعلمه الله باطن أمره، وأنه وقع في المستقبل في السؤال كان من الجاهلين، والغرض من ذلك تقديم ما يبقيه عليه السلام على سمة العصمة، والموعظة لا تستدعى وقوع ذنب، بل المقصد منها أن لا يقع الذنب في الاستقبال، ولذلك امتثل عليه الصلاة والسلام ذلك واستعاذ بالله أن يقع منه ما نهى عنه، والله أعلم.
(٢٧٤)