الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٦٥٨
غير ممتنع عقلا من الله تعالى، وإذا كان كذلك فهذا الكلام خرج على الجواز العقلي وإن كان السمع ورد بتعذيب الكفار وعدم الغفران لهم إلا أن ورود السمع بذلك لا يرفع الجواز العقلي. وأما القدرية فيزعمون أن المغفرة للكافر ممتنعة عقلا لا تجوز على الله تعالى لمناقضتها الحكمة فمن ثم كفحتهم هذه الآية بالرد، إذ لو كان الامر كزعمهم لما دخلت كلمة إن المستعملة عند الشك في وقوع الفعل بعدها لغة في فعل لا شك في عدم وقوعه عقلا، ولكان ذلك من باب التعليق بالمحال كإن يبيض القار وأشباهه وليس هذا مكانه، فقول الزمخشري إذا إن يغفر لهم لم يعدم وجها من الحكمة في المغفرة، لان العفو عن المجرم حسن عقلا لا يأتلف بقواعد السنة، إذ لا يلتفت عندهم إلى التحسين العقلي، ولا يأتلف أيضا بنزعات القدرية لانهم يجزمون بأنه لا وجه من الحكمة في المغفرة للكافر ويقطعون بمنافاتها الحكمة، فكيف يخاطب الله تعالى به، فعلم أن عيسى عليه السلام يبرأ إلى الله من هذا الاطلاق ومما اشتمل عليه من سوء الأدب، فإن قول القائل لمن يخاطبه: ما فعل كذا فلم يعدم فيه عذرا ووجها من المصلي وكلام مبذول وعبارة نازلة عن أو في مراتب الأدب، إنما يطلقها المتكلم لمن هو دونه عادة، فنسأل الله إلهام الأدب وتجنب ما في إساءته من مزلات العطب.
قوله تعالى (قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم) قال (إن قلت: ما معناه إن أريد صدقهم في الآخرة الخ)
(٦٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 643 644 646 647 648 652 654 656 657 658 659 » »»