الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٥٨٨
ومدار هذا البحث على النكتة التي نبهت عليها، فمتى استقام اشتمال المذكور أياما على فائدة لم يشتمل عليها الأول بأي طريق كان من تفضيل أو غيره من الفوائد فقد استد النظر وطابق صيغة الآية، والله أعلم. وعلى الجملة فالمسألة سمعية والقطع فيها معروف بالنص الذي لا يحتمل تأويلا ووجوده عسر صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وما أحسن تأكيد الزمخشري لاستدلاله يبعث الملائكة المعنيين بأنهم المقربون، ومن ثم ينشي ظهور من فصل القول في الملائكة والأنبياء فلم يعمم التفضيل في الملائكة ولا في الأنبياء بل فصل ثم فضل، وليس الغرض إلا ذكر محامل الآية لا البحث في اختلاف المذاهب، والله الموفق.
قوله تعالى (ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر، إلى قوله: ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا) قال (إن قلت التفصيل غير مطابق للمفصل الخ) قال أحمد: المراد بالمفصل من لم يستنكف ومن استنكف لسبق ذكرهما. ألا ترى أن المسيح والملائكة المقربين ومن دونهم من عباد الله لم يستنكفوا عن عبادة الله وقد جرى ذكرهم ويرشد إليه تأكيد الضمير بقوله - جميعا - فكأنه قال: فسيحشر إليه المقربين وغيرهم جميعا. ووقوع الفعل المتصل به الضمير جزاء لقوله: ومن يستنكف، لا يعين اختصاص الضمير بالمستنكفين، لان المصحح لارتباط الكلام قد وجد مندرجا في طي الضمير الشامل لهم ولغيرهم، وحينئذ يكون المفصل مشتملا على الفريقين وتفصيله منطبق عليه، والله أعلم.
(٥٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 581 582 583 584 585 588 589 590 591 594 595 ... » »»