الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٥٤٢
الإعادة إلى معناها، وهو مستغرب أنكر بعضهم وجوده في الكتاب العزيز لما يلزم من الاجمال بعد البيان وهو خلاف قانون البلاغة، إذ الإعادة إلى لفظها ليس بمفصح عن معناها، بل تناوله للمعنى مجمل منهم، فوقوعه بعد البيان عسر، ومنهم من أثبته وعد موضعين، وهذه الآية على هذه القراءة ثالث، وسيأتي بيان شاف إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها) قال محمود (يجوز أن يكون المستضعفين مجرورا، إلى قوله: ومنصوبا الخ) قال أحمد: ونبه على هذا مبالغة في الحث على خلاصهم من جهتين: إحداهما التخصيص بعد التعميم فإنه يقتضي إضمار الناصب الذي هو اختص، ولولا النصب لكان التخصيص معلوما من إفراده بالذكر، ولكن أكد هذا المعلوم بطريق اللزوم بأن أخرجه إلى النطق.
قوله تعالى (الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها) قال محمود. (إن قلت: لم ذكر الظالم وموصوفه مؤنث الخ) قال أحمد: ووقفت على نكتة في هذه الآية حسنة، وهي أن كل قرية ذكرت في الكتاب العزيز فالظلم إليها ينسب بطريق المجاز كقوله - وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة - إلى قوله - فكفرت بأنعم الله - وقوله - وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها - وأما هذه القرية في سورة النساء فينسب الظلم إلى أهلها على الحقيقة لان المراد بها مكة، فوقرت عن نسبة الظلم إليها تشريفا لها شرفها الله تعالى.
(٥٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 537 538 539 540 541 542 543 544 545 547 548 ... » »»