الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٥٣٧
قوله تعالى (فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا) قال محمود (إن قلت بم تعلق قوله في أنفسهم الخ) قال أحمد: ولكل من هذه التأويلات شاهد على الصحة: أما الأول فلان حاصله أمره بتهديدهم على وجه مبلغ صميم قلوبهم، وسياق التهديد في قوله - فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك - يشهد له فإنه أخبر بما سيقع لهم على سبيل التهديد. وأما الثاني فيلائمه من السياق قوله - أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم - يعني ما انطوت عليه من الخبث والمكر والحيل، ثم أمره بوعظهم والاعراض عن جرائمهم حتى لا تكون مؤاخذتهم بها مانعة من نصحهم ووعظهم، ثم جاء قوله - وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا - كالشرح للوعظ ولذكر أهم ما يعظهم فيه، وتلك نفوسهم التي علم الله ما انطوت عليه من المذام، وعلى هذا يكون المراد الوعظ وما يتعلق به. وأما الثالث فيشهد له سيرته عليه الصلاة والسلام في كتم عناد المنافقين والتجافي عن أفصاحهم والستر عليهم حتى عد حذيفة رضي الله عنه صاحب سره عليه الصلاة والسلام لتخصيصه إياه بالاطلاع على أعيانهم وتسميتهم له بأسمائهم وأخباره في هذا المعنى كثيرة.
(٥٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 529 530 531 532 533 537 538 539 540 541 542 ... » »»