الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٥٤٤
ههنا وهو إلحاقه بباب: جد جده، وأصل هذا الاعراب لأبي الفتح وقد بينت جواز الجر عطفا على الذكر من غير احتياج إلى التأويل المذكور، وأجرى مثله ههنا وهو وجه حسن استنبطته من كتاب سيبويه، فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمني، والله الموفق. والذي ذكر سيبويه جواز قول القائل زيد أشجع الناس رجلا، ثم قال سيبويه: فرجل واقع على المبتدأ ولك أن تجره فتقول زيد أشجع رجل وهو الأصل انتهى المقصود من كلام سيبويه، وإذا ينبت عليه جاز أن تقول خشى فلان أشد خشية فتنصب الخشية، وأنت تريد المصدر كأنك قلت:
خشى فلان خشية أشد خشية، فتوقع خشية الثانية على الأولى وإن نصبتها فهو كما قلت زيد أشجع رجلا، فأوقعت رجلا على زيد، وإن كنت نصبته فهو على أن الأصل أن تقول أشد خشية، فتجرها كما كان الأصل أن تقول زيد أشجع رجل فتجره، وما منع الزمخشري من النصب مع وقوعه على المصدر إلا أن مقتضى النصب في مثله خروج المنصوب على الأول بخلاف المجرور، إلا تراك تقول: زيد أكرم أبا فيكون زيد من الأبناء وأنت تفضل أباه وتقول زيد أكرم أب، فيكون من الآباء وأنت تفضله، فلو ذهبت توقع أشد على الخشية الأولى وقد نصبت مميزها لزم خروج الثاني عن الأول وهو محال، إذ لا تكون الخشية خشية فتحتاج إلى التأويل المذكور وهو جعل الخشية الأولى خاشية حتى تخرجها عن المصدر المميز لها، وقد بينا في كلام سيبويه جواز النصب مع وقوع الثاني على الأول كما لو جررت، فمثله يجوز في الآية من غير تأويل والله أعلم. وقد مضت وجوه من الاعراب في آية البقرة يتعذر بعضها ههنا لمنافرة المعنى، والله الموفق. ومثل هذه الأنواع من الاعراب منزل من العربية منزلة للب الخالص، فلا يوصل إليها إلا بعد تجاوز جملة القشور، وربك الفتاح العليم.
(٥٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 539 540 541 542 543 544 545 547 548 551 554 ... » »»