الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٥٤٨
وعمل خير مخلوق لله تعالى وواقع بقدرته ومنعم على العبد به. وأما المعتزلة فهم وإن ظنوا أن العبد يخلق لنفسه إيمانه وطاعته إلا أنهم لا يخالفون في أن فضل الله منسحب عليه في ذلك لأنه خلق له القدرة التي بها خلق العبد ذلك على زعمهم ووفقه لإرادة الخير، فقد وضح ذلك تعذر الاستثناء من الجملة الأخيرة على تفسير الزمخشري، وما أراه إلا واهما مسترسلا على المألوف في الاعراب وهو إعادة الاستثناء إلى ما يليه من الجمل مهملا للنظر في المعنى، ومن ثم اتخذ القاضي أبو بكر رضي الله عنه الاستثناء في هذه الآية إلى ما قبل الجملة الأخيرة فطنة منه ويقظة، ولأنه إمام مؤيد في نظره مسدد في فكره، ثم اتخذ القاضي رضي الله عنه هذه الآية وزره في الرد على من زعم الجزم بعود الاستثناء المتعقب للجمل إلى الأخيرة ظنا منه أن ذلك واجب لا يسوغ سواه، ثم يقف في عوده إلى ما تقدم خاصة، وقد بينت عند قوله تعالى - فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده - أن الاستثناء في هذه الآية أيضا يتعين عوده إلى الأول ويتعذر رده إلى الأخيرة لان المعنى يأباه، وهي موازرة للقاضي في الرد على من حتم عود الاستثناء إلى الأخيرة، والله الموفق.
(٥٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 542 543 544 545 547 548 551 554 556 557 558 ... » »»