الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٥٤٥
قوله تعالى (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) قال محمود (قرئ يدرككم بالرفع وقيل هو على حذف الفاء الخ. قال أحمد: أما الوجه الذي ألحقه بتوجيه سيبويه في الشعرين المذكورين ففيه نظر، أما قوله ولا ناعب فمختار، فإن دخول الباء في خبر ليس أمر مطرد غالب، والخبر وطن معروف لها، فإذا قدرت فيه حيث تسقط روعي هذا التقدير في المعطوف لما ذكرناه من الغلبة التي تقتضي إلحاق دخولها بالأصل الواجب الذي يعتبر نطق به أو سكت عنه، وأما تقدير أينما تكونوا في معنى كلام آخر يرتفع معه قوله يدرككم فذلك تقدير لم يعهد له نظير ولم يغلب هذا المقدر فيلتحق بغلبة دخول الباء في الخبر، فلا يلزم من مراعاة ما يقتضيه غالب الاستعمال ومعهوده مراعاة ما لم يسبق به عهد، وأما البيت الآخر لزهير فالمنقول عن سيبويه حمله أو حمل مثله على التقديم والتأخير كقوله:
يا أقرع بن حابس يا أقرع * إنك إن يصرع أخوك تصرع فليس من قبيل ولا ناعب، والله الموفق. وفي الوجه الأخير الذي أبداه الزمخشري حجة واضحة على أن القتل في المعارك والملاحم لا يعترض على الاجل المقدر بنقص، وأن كل مقتول فبأجله مات، لا كما يزعمه القدرية، والله الموفق.
(٥٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 540 541 542 543 544 545 547 548 551 554 556 ... » »»