الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٥٣٨
قوله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول) الآية. قال محمود (وإنما لم يقل واستغفرت لهم لأنه عدل به الخ) قال أحمد: وفي هذا النوع من الالتفات خصوصية، وهي اشتماله على ذكر صفة مناسبة لما أضيف إليه وذلك زائد على الالتفات بذكر الاعلام الجامدة، والله الموفق.
قوله تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) قال معناه (فوربك ولا مزيدة لتأكيد الخ) قال أحمد: يشير إلى أن لما زيدت مع القسم وإن لم يكن المقسم به دل ذلك على أنها إنما تدخل فيه لتأكيد القسم، فإذا دخلت حيث يكون المقسم عليه نفيا تعين جعلها لتأكيد القسم طردا للباب، والظاهر عندي والله أعلم أنها هنا لتوطئة النفي المقسم عليه والزمخشري لم يذكر مانعا من ذلك. وحاصل ما ذكره مجيئها لغير هذا المعنى في الاثبات، وذلك لا يأبى مجيئها في النفي عن الوجه الآخر من التوطئة على أن في دخولها على القسم المثبت نظرا، وذلك أنها لم ترد في الكتاب العزيز إلا مع القسم حيث يكون بالفعل مثل - لا أقسم بهذا البلد - لا أقسم بيوم القيامة - فلا أقسم بالخنس - فلا أقسم بمواقع النجوم - فلا أقسم بما تبصرون، وما لا تبصرون - ولم تدخل أيضا إلا على القسم بغير الله تعالى، ولذلك سر يأبى كونها في آية النساء لتأكيد القسم ويعين كونها للتوطئة، وذلك أن المراد بها في جميع الآيات التي عددناها تأكيد تعظيم المقسم به، إذ لا يقسم بالشئ إلا إعظاما له، فكأنه بدخولها يقول إن إعظامي لهذه الأشياء بالقسم بها كلا إعظام: يعني أنها تستوجب من التعظيم فوق ذلك، وهذا التأكيد إنما يؤتى به رفعا لتوهم كون هذه الأشياء غير مستحقة للتعظيم وللاقسام بها فيزاح هذا الوهم بالتأكيد في إبراز فعل القسم مؤكدا بالنفي المذكور:
(٥٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 530 531 532 533 537 538 539 540 541 542 543 ... » »»