الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٥٣٢
قوله تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) قال محمود (فإن قلت: قد ثبت أن الله عز وجل يغفر الشرك لمن تاب منه الخ) قال أحمد رحمه الله: عقيدة أهل السنة أن الشرك غير مغفور البتة وما دونه من الكبائر مغفور لمن يشاء الله أن يغفره له هذا مع عدم التوبة، وأما مع التوبة فكلاهما مغفور، والآية إنما وردت فيمن لم يتب ولم يذكر فيها توبة كما ترى، فلذلك أطلق الله تعالى نفي مغفرة الشرك، وأثبت مغفرة ما دونه مقرونة بالمشيئة كما ترى، فهذا وجه انطباق الآية على عقيدة أهل السنة. أما القدرية فإنهم يظنون التسوية بين الشرك وبين ما دونه من الكبائر في أن كل واحد من النوعين لا يغفر بدون التوبة ولا يشاء الله أن يغفرهما إلا للتائبين: فإذا عرض الزمخشري هذا المعتقد على هذه الآية ردته ونبت عنه، إذ المغفرة منفية فيها عن الشرك وثابتة لما دونه مقرونة بالمشيئة، فإما أن يكون المراد فيهما من لم يتب فلا وجه للتفصيل بينهما بتعليق المغفرة في أحدهما بالمشيئة وتعليقها بالآخر مطلقا، إذ هما سيان في استحالة المغفرة، وإما أن يكون المراد فيهما التائب فقط قال في الشرك إنه لا يغفر، والتائب من الشرك مغفور له، وعند ذلك أخذ الزمخشري يقطع أحدهما عن الآخر فيجعل المراد مع الشرك عدم التوبة ومع الكبائر التوبة حتى تنزل الآية على وفق معتقده فيحملها أمرين لا تحمل واحدا منهما:
أحدهما إضافة التوبة إلى المشيئة وهي غير مذكورة ولا دليل عليها فيما ذكر، وأيضا لو كانت مرادة لكانت هي
(٥٣٢)
مفاتيح البحث: الزمخشري (2)، الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 524 527 529 530 531 532 533 537 538 539 540 ... » »»