الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٥٠٥
قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) قال محمود. إن قلت: هلا قيل للأنثيين مثل حظ الذكر الخ) قال احمد: لان الأفضلية حينئذ مدلول عليها بواسطة الاستلزام لا منطوق بها، وأما على نظم الآية فالأفضلية منطوق بها غير محتاجة إلى ذلك. عاد كلامه: قال (ولأنهم كانوا يورثون الذكور دون الإناث الخ) قال أحمد: وعلى مقتضى هذا لا يكون حكم الابن إذا انفرد مذكورا في الآية، لأنه حيث ذكره فإنما عنى حالة الاجتماع مع الإناث خاصة على تفسير الزمخشري. هذا، ويمكن خلافه وهو أن المذكور أولا ميراث الذكر على الاطلاق مجتمعا مع الإناث ومنفردا. أما وجه تلقي حكمه حالة الاجتماع فقد قرره الزمخشري، وأما وجه تلقيه حالة الانفراد فمن حيث إن الله تعالى جعل له مثل حظ الأنثيين، فإن كانت معه فذاك، وإن كانت منفردة عنه فقد جعل لها في حال انفرادها النصف، فاقتضى ذلك أن للذكر عند انفراده مثلي نصيبها عند انفرادها وذلك الكامل، والله أعلم. عاد كلامه. (قال محمود: فإن قلت: لم قيل فإن كن نساء ولم يقل وإن كانت امرأة الخ) قال أحمد:
يريد أن حكم البنتين حال اجتماعهما مع الابن مذكور في قوله - للذكر مثل حظ الأنثيين - وأن حكم البنات منفردات مذكور في قوله - فإن كن نساء - وأن حكم البنت منفردة مذكور في قوله - وإن كانت واحدة فلها النصف - وبقى عليه أن ذكر الابن في حال الانفراد مستفاد من قوله - للذكر مثل حظ الأنثيين - إذا ضممته إلى قوله - وإن كانت واحدة فلها النصف - على التقرير الذي قدمته. عاد كلامه (قال في الجواب أما حكمهما فمختلف فيه. فابن عباس أبى تنزيلهما منزلة الجماعة الخ) قال أحمد: ومحز النظر أن ابن عباس أجرى التقييد بالصفة وهي قوله - فوق اثنتين - على ظاهره من مفهوم المخالفة، غير أنه ما كان يقتضى اللفظ أن يقتصر لهما على النصف لأجل تعارض المفهومين، إذ مفهوم - فلهن ثلثا ما ترك - أن تكون الأنثى أقل من الثلثين، ومفهوم - فإن كانت واحدة فلها النصف - أن تكون الأنثيين أزيد من النصف فيكون نصيبهما مترددا فيما بين النصف والثلثين بقدر مجمل، وأما غيره فأظهر للتقييد فائدة سوى المخالفة، وتلك الفائدة رفع الفرق المتوهم بين الأنثيين وما فوقهما، ومتى ظهرت للتخصيص فائدة جلية سوى المخالفة وجب المصير إليها وسقط التعلق بالمفهوم، وكأنه على القول المشهور لما علم أن الأنثيين يستوجبان الثلثين بالطرق المذكورة وكان الوهم قد يسبق إلى أن الزائد على الأنثيين يستوجبن أكثر من فرض الأنثيين، لان ذلك مقتضى القياس رفع هذا الوهم بإيجاب الثلثين لما فوق الأنثيين كوجوبه لهما، والله أعلم.
(٥٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 500 501 502 503 504 505 507 508 509 512 513 ... » »»