الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٥٠٤
يتركوا، لان جوابه قوله خافوا عليهم والخوف عليهم إنما يكون قبل تركهم إياهم وذلك في دار الدنيا، فقد دل على أن المراد بالترك الاشراف عليه ضرورة، وإلا لزم وقوع الجواب قبل الشرط وهو باطل، ونظيره - فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف - أي شارفن بلوغ الاجل، ولهذا المجاز في التعبير عن المشارفة على الترك بالترك سر بديع، وهو للتخويف بالحالة التي لا يبقى معها مطمع في الحياة ولا في الذب عن الذرية الضعاف وهي الحالة التي وإن كانت من الدنيا إلا أنها لقربها من الآخرة ولصوقها بالمفارقة صارت من حيزها ومعبرا عنها بما يعبر به عن الحالة الكائنة بعد المفارقة من الترك، والله أعلم.
قوله تعالى (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا) قال محمود (معناه ظالمين أو على وجه الظلم الخ) قال أحمد: ومثله - قد بدت البغضاء من أفواههم - أي شدقوا بها وقالوها بملء ء أفواههم، أو يكون المراد بذكر البطون تصوير الاكل للسامع حتى يتأكد عنده بشاعة هذا الجرم بمزيد تصوير، ولأجل تأكيد التشنيع على الظالم لليتيم في ماله خص الاكل أنه أبشع الأحوال التي يتناول مال اليتيم فيها، والله أعلم.
(٥٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 499 500 501 502 503 504 505 507 508 509 512 ... » »»