الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٣٢٠
قوله تعالى (فول وجهك شطر المسجد الحرام) قال محمود رحمه الله (الشطر: النحو والسمت الخ) قال أحمد رحمه الله: وقد نقل أصحابنا المالكية خلافا عن المذهب في الواجب فقيل الجهة وقيل العين هذا مع البعد. وأما حيث تشاهد الكعبة في المسجد الحرام فمن خرج عن السمت ثم لم تصح صلاته قولا واحدا، ثم لهم على كل واحد من القولين إشكال. أما على قول العين فيلزم أن لا تصح صلاة الصف المستقيم المستطيل زيادة على مسامتة الكعبة شرفها الله تعالى لأنا نعلم بالضرورة وإن لم نشاهد أن بعضهم يصلى إلى غير عينها، إذ لا يفي سمتها بذلك على هذا التقدير، لكن الجواز في مثل هذا مع البعد متفق عليه. وأما على قول الجهة فيلزم تجويز صلاة الكائن في الشمال مثلا إلى الجهات الثلاث لأنها كلها جهات الكعبة، والسمت غير مراعى على هذا المذهب، وإنما جاء هذا الخبط من عدم التمييز بين مراعاة الجهة والسمت، ولقد ميزهما أبو حامد بمثال هندسي في كتاب الإحياء فلا نطول بذكره والتحقيق عند الفتوى أن المعتبر مع البعد الجهة لا السمت.
قوله تعالى (وما أنت بتابع قبلتهم) قال محمود رحمه الله) إن قلت لما جاء على التوحيد وهما قبلتان الخ) قال أحمد رحمه الله: ومثل هذا ما أجيب به عن قوله تعالى - لن نصبر على طعام واحد - مع أنه متعدد وهو المن والسلوى. فقيل إنهم أرادوا أنهما من طعام الترفه وآثروا طعام الفلاحة والأجلاف، فلما اتحد الطعامان المذكوران في الرفاهية جعلوهما طعاما واحدا، وهذا المعنى في إنكار الطعام أبلغ لأنهم لم يكتفوا في إنكاره بقولهم - لن نصبر على طعام واحد - حتى أكدوه بقولهم واحد. وللزمخشري عنه جواب آخر سلف بمكانه.
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 315 317 318 319 320 321 323 324 326 327 ... » »»