خصائص الوحي المبين - الحافظ ابن البطريق - الصفحة ٢٤٥
في وجوب الاقتداء والاتباع.
ومنها [قوله]: ﴿فاستوى على سوقه﴾ (١) وإذا كان الاسلام به قد استوى على سوقه، فقد قام مقام كل معجز للرسول ومقام كل مجاهد بين يديه، لان طلب الاعجاز والجهاد لقيام الاسلام على سوقه، وإذا كان ذلك حاصلا بسيفه صلى الله عليه وآله فقد قام مقام ذلك كله، ومن كان كذلك أحق بالاتباع.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿واجعل لي وزيرا من أهلي﴾ (2) وطلب النبي صلى الله عليه وآله ذلك لعلي عليه السلام على حد طلب موسى عليه السلام لهارون عليه السلام ليدل بذلك على أنه مستحق منه من المنازل ما كان يستحقه هارون من موسى.
وهارون كان أخا موسى لأبيه وأمه وكان نبيه، وكان خليفته بدليل قوله تعالى: * (وإذ قال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي) * (3) فأمير المؤمنين عليه السلام لم يكن أخا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبيه وأمه، وإنما هي اخوة الدين والاصطفاء، وذلك معلوم لا يحتاج إلى دليل.
والنبوة داخلة في جملة منازل هارون، وهارون مات قبل موسى، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم علم أن عليا عليه السلام يعيش بعده، فاستثنى النبوة بقوله صلى الله عليه وآله وسلم في مواضع عديدة: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا بني بعدي " (4) لأنه لو لم يستثن النبوة لتوهمت في جملة المنازل، فصريح النسب مستثنى بالعرف والنبوة مستثناة بلفظه صلى الله عليه وآله وسلم فبقي له منه صلى الله عليهما وآلهما ما نطق به الوحي العزيز، ولم يدخل

١ - سورة الفتح: ٤٨ / ٢٩.
٢ - سورة طه: ٢٠ / ٢٩.
٣ - سورة الأعراف: ٧ / ١٤٢.
٤ - ينظر كتاب " العمدة " الفصل السادس عشر.
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست