خصائص الوحي المبين - الحافظ ابن البطريق - الصفحة ١٨٦
ثم أوضح تعالى القصة بأن المماثلة حقيقية وأن منكرها جدل خصيم بقوله تعالى: * (ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون) * (1) لأنه لما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " (2) لعلمه بأن عليا يعيش بعده صلى الله عليه وآله وسلم وأن هارون مات في حياة موسى.
ومتى لم يستثن النبوة في جملة المنازل تثبت له من منازل هارون من موسى ما لم يستثنه في اللفظ، وما هو مستثنى في العرف وهو الاخوة من النسب، ويثبت له الخلافة وفرض الطاعة.
وكذلك لفظ الكتاب العزيز لأنه لما أراد القديم تعالى المماثلة وإمضاء ما نطق به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلم القديم تعالى انه ربما توهمت النبوة من حيث المماثلة فقال تعالى مبينا حال الخلافة دون النبوة لينفي تعالى حال توهم النبوة وليثبت تعالى له الخلافة فقال تعالى: * (ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون) * (3) فحصصه تعالى بالخلافة دون النبوة إذ لا نبوة بعده.
وقوله تعالى: " ملائكة " تعظيما لامره لموضع توهم الأمة أن الملائكة أفضل من بني آدم.
وفي قوله سبحانه وتعالى: * (منكم) * أدل دليل على اختصاصها بمولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه لان عليا عليه السلام من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدليل قوله: (ويتلوه شاهد منه) * (4).

١ - سورة الزخرف: ٤٣ / ٦٠.
٢ - يراجع مسند أحمد ٣ / ٣٢ و ١ / ١٧٧ و ١٧٩ - ١٨٢ - ١٧٤.
٣ - سورة الزخرف: ٤٣ / ٦٠.
٤ - سورة هود: ١١ / 17.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست