وتدبيره، (ثم رددنه) ثم كان عاقبة أمره حين لم يشكر النعمة في الخلقة القويمة أن رددناه (أسفل) من سفل خلقا وتركيبا، يعني: أقبح من قبح صورة من خلقه، وهم أصحاب النار. أو: ثم رددناه بعد ذلك التقويم والتحسين أسفل من سفل في الصورة حيث نكسناه في الخلق، يريد: حال الخرف والهرم وكلال السمع والبصر.
والاستثناء على المعنى الأول متصل، واتصاله ظاهر، وعلى الثاني منقطع بمعنى: ولكن الذين كانوا صالحين من الهرمى فلهم ثواب دائم على طاعاتهم وصبرهم على مقاساة المشاق والقيام بالعبادة في حال عجزهم وتخاذل قواهم، وعن ابن عباس: (إلا الذين ءامنوا) يعني: الذين قرأوا القرآن، وقال: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر وإن عمر طويلا (١).
(فما يكذبك) الخطاب للإنسان على طريقة الالتفات، أي: فما يجعلك كاذبا بسبب (الدين) وإنكاره بعد هذا الدليل؟ يعني: أنك تكذب إذا كذبت بالجزاء، فإن كل مكذب بالحق كاذب لا محالة، والباء مثلها في قوله: ﴿الذين هم به مشركون﴾ (2)، وقيل: الخطاب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (3). (أليس الله بأحكم الحكمين) وعيد للكفار بأنه يحكم عليهم بما هم أهله.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه كان إذا ختم هذه السورة قال: " بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين " (4).
* * *