تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨٠٥
والجملة الثانية تكرير للجملة الأولى لتقرير معناها في النفوس وتمكينها في القلوب، وعلى هذا فيكون معنى ما روي في الحديث أنه (عليه السلام) خرج ذات يوم وهو يضحك ويقول: " لن يغلب عسر يسرين " (1) أن يكون قوله: (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) موعدا من الله سبحانه مكررا.
وينبغي أن يحمل وعده على أبلغ ما يحتمله اللفظ، وقد علمنا أن الجملة الأولى عدة بأن العسر مردوف بيسر لا محالة، والثانية عدة مستأنفة بأن العسر متبوع بيسر، فهما يسران على تقدير الاستئناف، وإنما كان العسر واحدا؛ لأنه لا يخلو: إما أن يكون تعريفه للعهد وهو العسر الذي كانوا فيه، فهو هو لأن حكمه حكم " زيد " في قولك: إن مع زيد مالا، إن مع زيد مالا، وإما أن يكون للجنس الذي يعلمه كل أحد فهو هو أيضا. وأما " اليسر " فمنكر متناول بعض الجنس، وإذا كان الكلام الثاني مستأنفا غير مكرر فقد يتناول بعضها غير البعض الأول بغير إشكال. ويجوز أن يراد باليسرين: يسر الدنيا ويسر الآخرة، والمعنى في التنكير:
التفخيم، كأنه قال: إن مع العسر يسرا عظيما وأي يسر!
(فإذا فرغت فانصب) هذا بعث له (عليه السلام) على الشكر، والاجتهاد في العبادة والنصب فيها، وأن لا يخلو منها.
وعن ابن عباس: فإذا فرغت عن صلاتك فاجتهد في الدعاء وارغب إلى ربك في المسألة (2)، وهو المروي عن الصادق (عليه السلام) (3).

(1) رواه الطبري في تفسيره: ج 12 ص 628 عن الحسن.
(2) تفسير ابن عباس: ص 514.
(3) رواه الحميري في قرب الإسناد: ص 7 ح 22 ط. آل البيت عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه.
(٨٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 800 801 802 803 804 805 806 807 808 809 811 ... » »»