تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨١٣
وإما بأن نصب الدليل عليه في عقله، أو: بينه له على ألسنة ملائكته ورسله، فكل العلوم (1) مضاف إليه مستفاد منه جل اسمه.
(كلا) ردع وتنبيه (2) لمن كفر بنعمة الله عليه بطغيانه وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه. (أن رءاه) وأن رأى نفسه، يقال في أفعال القلوب: رأيتني، وعلمتني، وذلك من خصائصها، ولو كانت الرؤية بمعنى الإبصار لامتنع في فعلها الجمع بين الضميرين. و (استغنى) هو المفعول الثاني، أي: لأن رأى نفسه مستغنية عن ربه بأمواله وعشيرته وقوته. وعن قتادة: إذا أصاب مالا زاد في مراكبه وثيابه وطعامه وشرابه فلذلك طغيانه (3).
(إن إلى ربك الرجعى) واقع على طريقة الالتفات إلى الإنسان تحذيرا له من عاقبة الطغيان، و (الرجعى) مصدر كالبشرى، بمعنى الرجوع. وقيل: نزلت في أبي جهل (4)، فروي أنه قال: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قالوا: نعم، قال: فوالذي يحلف به لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن عنقه، فجاءه ثم نكص على عقبيه يتقي بيديه، فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ قال: إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة، وقال (عليه السلام): " والذي نفسي بيده لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا " فنزلت: (أرءيت الذي ينهى عبدا إذا صلى) (5).
والمعنى: أخبرني عمن ينهى بعض عباد الله عن صلاته إن كان ذلك الناهي على طريقة شديدة فيما ينهى عنه من عبادة الله (أو) كان (أمر بالتقوى)

(١) في نسخة: " المعلوم ".
(٢) في بعض النسخ زيادة: " على الخطأ ".
(٣) حكاه عنه عبد الرزاق في تفسيره: ج ٢ ص ٣١٣.
(٤) قاله الفراء. راجع معاني القرآن: ج 3 ص 278.
(5) رواه مسلم في الصحيح: ج 4 ص 2154 ح 2797.
(٨١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 807 808 809 811 812 813 814 815 817 818 819 ... » »»