تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨١٤
فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد، وكذلك (إن) كان على التكذيب للحق والتولي عن الدين، كما نقول نحن (ألم يعلم بأن الله يرى) ويطلع على أحواله من هداه وضلاله فيجازيه على حسب ذلك، وهذا وعيد. وقيل: معناه: أرأيت إن كان هذا الذي صلى على الهدى والطريقة المستقيمة، وأمر بأن تتقى معاصي الله، كيف تكون حال من ينهاه عن الصلاة ويزجره عنها؟ (1) فأما تقدير إعرابه، فإن (الذي ينهى) والجملة الشرطية هما في موضع مفعولي (أرءيت)، وحذف جواب الشرط الأول، فكأنه قال: إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ألم يعلم بأن الله يرى. وجاز حذفه لدلالة ذكره في جواب الشرط الثاني عليه، وصح الاستفهام في جواب الشرط كما تقول: إن أتيتك أتكرمني؟
و (أرءيت) الثانية زائدة مكررة توسطت بين مفعولي (أرءيت) الأولى للتوكيد.
(كلا) ردع لأبي جهل وخسأ عن نهيه عن عبادة الله وأمره بعبادة الأصنام (لئن لم ينته) عما هو فيه " لنسفعن " لنأخذن بناصيته ولنسحبنه (2) بها إلى النار، واكتفى في (الناصية) بلام العهد عن الإضافة لما علم أنها ناصية المذكور، والسفع: القبض على الشيء وجذبه بشدة، وكتب (لنسفعا) في المصحف بالألف على حكم الوقف. (ناصية) بدل من (الناصية) أبدلت عن المعرفة وهي نكرة لأنها وصفت فاستقلت بفائدة، ووصفها بالكذب والخطأ على الإسناد المجازي، وهما في الحقيقة لصاحبها، وفي ذلك من الفصاحة والجزالة ما ليس في قولك:
ناصية كاذب خاطئ. والنادي: المجلس الذي ينتدي فيه القوم، أي: يجتمعون.
والمراد: أهل النادي، كما قال زهير:

(١) قاله الشيخ الطوسي في التبيان: ج ١٠ ص ٣٨١.
(2) في بعض النسخ: " لنسجننه ".
(٨١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 808 809 811 812 813 814 815 817 818 819 820 ... » »»