تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧١١
بالأوتاد. (وخلقنكم) أشكالا متشاكلين، أو: ذكرانا وإناثا، أو: أصنافا، (وجعلنا نومكم سباتا) أي: راحة ودعة لأجسادكم، وقيل: موتا، من السبت وهو القطع؛ لأنه مقطوع عن الحركة (1)، والنوم أحد الموتين. والمعنى: أن من خلق هذه الخلائق العجيبة الدالة على كمال القدرة والحكمة فلا وجه لإنكار قدرته على البعث، ولأنه يؤدي إلى أنه عابث في كل ما فعله، والحكيم لا يفعل فعلا عبثا.
(وجعلنا الليل لباسا) يستركم عن العيون، وتخفون فيه ما لا تحبون الاطلاع عليه من أموركم. (وجعلنا النهار معاشا) أي: وقت معاش، أو: مطلب معاش تستيقظون فيه لحوائجكم، وتتصرفون في مكاسبكم. (سبعا) أي: سبع سماوات (شدادا) محكمة، جمع شديدة. (سراجا وهاجا) وقادا متلالئا، يعني: الشمس، وتوهجت النار: إذا تلظت.
و (المعصرت) السحائب إذا أعصرت، أي: شارفت أن تعصرها الرياح فتمطر، مثل: أجز الزرع أي: حان له أن يجز منه، ومنه: أعصرت الجارية: إذا حان أن تحيض، وعن مجاهد: المعصرات: الرياح ذوات الأعاصير لأنها تنشئ السحاب وتدر أخلافه (2). (مآء ثجاجا) منصبا بكثرة، يقال: ثجه وثج بنفسه.
وفي الحديث: " أفضل الحج العج والثج " (3). فالعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: صب دماء الهدي.
(حبا ونباتا) يعني: ما يتقوت به من نحو الحنطة والشعير، وما يعتلف به من

(1) حكاه الماوردي في تفسيره: ج 6 ص 183.
(2) تفسير مجاهد: ص 694.
(3) أخرجه الطبري في تفسيره: ج 12 ص 400، وابن حجر في التلخيص: ج 2 ص 239 مرسلا. والعج: رفع الصوت للتلبية، والثج: سيلان دماء الهدي.
(٧١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 705 706 707 709 710 711 712 713 714 715 716 ... » »»