تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٧٣
عناده، ومعناه: إنه فكر ماذا يقول في القرآن (وقدر) في نفسه ما يقول له وهيأه.
(فقتل كيف قدر) تعجيب من تقديره وإصابته فيه المحز (1) ورميه فيه الغرض، أو: ثناء عليه على طريقة الاستهزاء به، يقول القائل: قتله الله ما أشجعه! وقاتله الله ما أشعره! ومعناه: أنه حقيق بأن يحسد ويدعو عليه حاسده بذلك.
وروي (2): أن الوليد قال لبني مخزوم: والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما، ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى، فقالت قريش: صبا (3) والله الوليد، والله ليصبأن قريش كلهم، فقال أبو جهل: أنا أكفيكموه، فقعد إليه حزينا وكلمه بما أحماه (4)، فقام فأتاهم فقال: تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق؟
وتقولون: إنه كاهن، فهل رأيتموه يحدث فيما يتحدث به الكهنة؟ وتزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه يتعاطى شعرا قط؟ وتزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب؟ فقالوا في كل ذلك: اللهم لا، قالوا له: فما هو؟ ففكر فقال: ما هو إلا ساحر! أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه؟ وما يقوله (سحر يؤثر) عن أهل بابل، فتفرقوا معجبين متعجبين منه. (ثم نظر) في وجوه الناس (ثم) قطب وجهه مدبرا، وتشاوس مستكبرا لما خطرت بباله هذه الكلمة الشنعاء وقيل: (قدر) ما يقوله (ثم نظر) فيه (ثم عبس) لما ضاقت عليه الحيل ولم يدر ما يقول (5).

(1) أي: القطع. (لسان العرب).
(2) رواه الطبري في تفسيره: ج 12 ص 309 عن ابن عباس.
(3) صبا: أي مال. (الصحاح).
(4) أحماه: أي أثار حميته وعصبيته. (لسان العرب).
(5) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 649.
(٦٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 668 669 670 671 672 673 674 675 676 677 678 ... » »»