تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٧٧
(للبشر) على أنها منذرة للمكلفين الممكنين الذين إن شاؤوا تقدموا ففازوا وإن شاؤوا تأخروا فهلكوا.
و (رهينة) ليست بتأنيث " رهين " لأن " فعيلا " بمعنى " مفعول " يستوي فيه المذكر والمؤنث، وإنما هي اسم بمعنى " الرهن " كالشتيمة بمعنى " الشتم "، كأنه قال: (كل نفس بما كسبت) رهين، ومثله بيت الحماسة:
أبعد الذي بالنعف نعف كويكب * رهينة رمس ذي تراب وجندل (1) أي: رهن رمس. والمعنى: كل نفس رهن بكسبها عند الله، غير مفكوك.
(إلا أصحب اليمين) فإنهم فكوا رقابهم عنه بإيمانهم وطاعاتهم كما يفك الراهن رهنه بأداء الحق. (في جنت) أي: هم في جنات لا يكتنه وصفها (يتسآءلون) يسأل بعضهم بعضا (عن المجرمين)، أو: يتساءلون غيرهم عنهم، كقوله: دعوته وتداعيناه. (ما سلككم في سقر) هذه حكاية قول المسؤولين عن المجرمين لأنهم يلقون إلى السائلين ما جرى بينهم وبين المجرمين فيقولون: قلنا لهم: ما سلككم في سقر؟ (قالوا لم نك من المصلين) إلا أنه جاء على الحذف والاختصار. (وكنا نخوض) أي: نشرع في الباطل ونغوي مع الغاوين. وأخر التكذيب على معنى: أنهم بعد ذلك كله مكذبين (بيوم الدين) تعظيما للتكذيب.
(حتى أتنا اليقين) وهو الموت ومقدماته. (فما تنفعهم شفعة الشفعين) من الملائكة والنبيين وغيرهم كما ينفع الموحدين.
(فما لهم عن التذكرة) عن التذكير وهو القرآن وغيره من المواعظ (معرضين) حال، كما تقول: ما لك قائما؟ (كأنهم حمر مستنفرة) شديدة النفار

(1) لعبد الرحمن بن زيد العذري، قد قتل أبوه فعرض عليه فيه سبع ديات فأبى إلا الثأر وأنشأ يقوله. والنعف: المكان المرتفع والجبل، والكويكب: جبل بعينه. راجع شرح شواهد الكشاف: ص 553.
(٦٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 672 673 674 675 676 677 678 679 680 681 682 ... » »»