تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٧٢
وقوله: (عسير) يغني عنه، ليؤذن أنه لا يكون عليهم يسيرا كما يكون على المؤمنين، فيكون جمعا بين وعيد الكافرين ووعد المؤمنين.
(ذرنى ومن خلقت‍) - ه (وحيدا) أي: متوحدا بخلقه، يعني: وليد بن المغيرة، يريد: دعني وإياه، وخل بيني وبينه، فإني أجزئك في الانتقام منه عن كل منتقم، فهو حال من الله على معنيين: بمعنى: ذرني وحدي معه، أو خلقته وحدي، أو:
حال من المخلوق بمعنى: خلقته وهو وحيد فريد لا مال له. وروي عن الباقر (عليه السلام) أن الوحيد من لا يعرف له أب (1).
(مالا ممدودا) أي: مبسوطا كثيرا، عن ابن عباس (2): هو ما كان له بين مكة والطائف من صنوف الأموال، من الإبل المؤبلة، والخيل المسومة، والمستغلات التي لا تنقطع غلاتها، وكان له مائة ألف دينار، وعشر (بنين شهودا) أي: حضورا معه بمكة لا يغيبون عنه؛ لغناهم عن ركوب السفر للتجارة، أسلم منهم ثلاثة:
خالد بن الوليد، وهشام، وعمارة. (ومهدت له تمهيدا) أي: وبسطت له الجاه العريض والرئاسة في قومه. (ثم يطمع أن أزيد) استبعادا لطمعه وحرصه.
(كلا) ردع له وقطع لطمعه (إنه كان لايتنا عنيدا) تعليل للردع على وجه الاستئناف، أي: كان معاندا لحججنا وآياتنا مع معرفته بها، كافرا بذلك لنعمنا، والكافر لا يستحق المزيد، وروي: أنه ما زال بعد نزول هذه الآية في نقصان من ماله حتى هلك (3). (سأرهقه صعودا) سأغشيه عقبة شاقة المصعد، وهو مثل لما يلقى من العقوبة الشديدة التي لا تطاق.
(إنه فكر) تعليل للوعيد، أو: بدل من (إنه كان لايتنا عنيدا)، بيانا لكنه

(1) رواه العياشي في تفسيره كما في مجمع البيان: ج 10 ص 387.
(2) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 647.
(3) رواه مقاتل. راجع البحر المحيط لأبي حيان: ج 8 ص 373.
(٦٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 667 668 669 670 671 672 673 674 675 676 677 ... » »»