تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٧٨
وحشية، كأنها تطلب النفار من نفوسها في حملها عليه، وقرئ بفتح الفاء (1) وهي المنفرة المحمولة على النفار. (فرت من قسورة) هربت من أسد، وهي فعولة من " القسر " وهو القهر والغلبة، وقيل: القسورة: جماعة الرماة الذين يتصيدونها (2).
(صحفا منشرة) قراطيس تنشر وتقرأ، وكتبا كتبت في السماء ونزلت بها الملائكة ساعة كتبت منشرة على أيديها لم تطو بعد، وذلك أنهم قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا كتابا من السماء عنوانها: " من رب العالمين إلى فلان ابن فلان " نؤمر فيها باتباعك!
(كلا) ردع لهم عن تلك الإرادة، وعن اقتراح الآيات (بل لا يخافون الآخرة) فلذلك أعرضوا عن التذكرة لا لامتناع إيتاء الصحف. (كلا) ردع عن إعراضهم عن التذكرة (إنه تذكرة) مبهم أمرها، بليغة كافية في بابها. (فمن شآء) أن يذكره ولا ينساه، ويجعله نصب عينيه فعل. والضمير في: (إنه) و (ذكره) للتذكرة في قوله: (فما لهم عن التذكرة معرضين)، وإنما ذكر لأنها في معنى الذكر أو القرآن.
(وما يذكرون إلا أن يشآء الله) إجبارهم على الذكر، لأنه علم أنهم لا يشاؤونه اختيارا (هو أهل التقوى) هو حقيق بأن يتقيه عباده ويخافوا عقابه فيؤمنوا ويطيعوا (وأهل المغفرة) وحقيق بأن يغفر لهم ذنوبهم إذا آمنوا به وأطاعوه.
وعن أنس: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تلا هذه الآية فقال: " قال الله تعالى: أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله، فمن اتقى أن يجعل معي إلها فأنا أهل أن أغفر له " (3).

(1) قرأه نافع وابن عامر والمفضل عن عاصم. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 660.
(2) قاله ابن عباس في تفسيره: ص 493.
(3) أخرجه ابن ماجة في السنن: ج 2 ص 1437 ح 4299.
(٦٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 673 674 675 676 677 678 679 680 681 682 683 ... » »»