تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٨٣
بعده، أو: بما قدم من ماله لنفسه وبما خلفه لورثته بعده، وعن مجاهد: بأول عمله وآخره (١).
(بل الانسن على نفسه بصيرة) أي: حجة بينة وصفت بالبصارة على المجاز، كما وصفت الآيات بالإبصار في قوله: ﴿فلما جاءتهم ءاياتنا مبصرة﴾ (2)، أو: عين بصيرة. والمعنى: أنه ينبأ بأعماله، وإن لم ينبأ ففيه ما يجزي عن التنبئة (3)، لأنه شاهد عليها بما عملت لأن جوارحه تشهد عليه. (ولو ألقى معاذيره) ولو جاء بكل معذرة يتعذر بها عن نفسه ويجادل عنها، وعن السدي: ولو أرخى ستوره (4)، والمعاذير: الستور، واحدها: معذار، لأن الستر يمنع رؤية المحتجب كما أن المعذرة تمنع عقوبة المذنب.
(لا تحرك به لسانك) الضمير للقرآن، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ لقن الوحي نازع جبرائيل (عليه السلام) القراءة، ولم يصبر إلى أن يتمها مسارعة إلى الحفظ، وخوفا من النسيان (5)، فأمر أن يستنصت له، ملقيا إليه بقلبه وسمعه حتى يقضى إليه وحيه.
والمعنى: لا تحرك بقراءة الوحي لسانك ما دام جبرائيل يقرأ (لتعجل به) لتأخذه على عجلة ولئلا ينفلت منك. ثم علل النهي عن العجلة بقوله: (إن علينا جمعه) في صدرك وإثبات قراءته في لسانك. (فإذا قرأنه) جعل قراءة جبرائيل قراءته، والقرآن: القراءة (فاتبع قرءانه) فكن مقفيا له فيه ولا تراسله، فنحن في ضمان تحفيظه لك. (ثم إن علينا بيانه) إذا أشكل عليك شيء من معانيه، كأنه (عليه السلام)

(١) حكاه عنه الشيخ في التبيان: ج ١٠ ص ١٩٥.
(٢) النمل: ١٣.
(3) في نسخة: " البينة ".
(4) حكاه عنه الشيخ في التبيان المتقدم.
(5) أورد هذه العبارة المصنف رحمه الله عن الكشاف، ولا يخفى ما فيه، إذ لا يجوز - على مذهبنا - عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) الخطأ ولا النسيان أبدا.
(٦٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 678 679 680 681 682 683 684 685 686 687 689 ... » »»