تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥٣٥
من " دار الإيمان " ووضع المضاف إليه مقامه (من قبلهم) من قبل المهاجرين لأنهم سبقوهم في تبوء دار الهجرة والإيمان (ولا يجدون) ولا يعلمون في أنفسهم (حاجة ممآ أوتوا) أي: طلب محتاج إليه مما أوتي المهاجرون من الفيء وغيره، والمحتاج إليه قد يسمى حاجة. يقال: خذ منه حاجتك، و: أعطاه من ماله حاجته، يعني: أن نفوسهم لم تطمح إلى شيء مما أعطوا يحتاج إليه (ولو كان بهم خصاصة) أي: خلة، من: خصاص البيت وهي فروجه، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قسم أموال بني النضير على المهاجرين، ولم يعط الأنصار منها شيئا إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة، وهم: أبو دجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف، والحارث بن الصمة، وقال للأنصار: إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وشاركتموهم في هذه الغنيمة، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة، فقالت الأنصار: بل نقسم لهم من ديارنا وأموالنا ونؤثرهم بالقسمة ولا نشاركهم فيها، فنزلت (1). والشح: اللؤم، وأن تكون نفس المرء حريصة على المنع، كما قال الشاعر:
يمارس نفسا بين جنبيه كزة * إذا هم بالمعروف قالت له مهلا (2) وقد أضيف إلى " النفس " لأنه غريزة فيها، وأما البخل فهو منع نفسه، والمعنى:
ومن غلب ما أمرته به نفسه وخالف هواها بتوفيق الله وعونه (فأولئك هم) الظافرون بما أرادوا. وقيل: (الذين تبوءوا) مبتدأ، وخبره (يحبون من هاجر إليهم) لأنه (عليه السلام) لم يقسم لهم في بني النضير إلا للثلاثة (3).

(١) رواه الواحدي في أسباب النزول: ص ٣٥٦ ح ٨٦٠ عن يزيد بن الأصم.
(٢) لم نعثر على قائله. والبيت يصف رجلا بالبخل، وكزة: أي شحيحة منقبضة عن فعل الخير.
(٣) ذكره النحاس في إعراب القرآن: ج 4 ص 396.
(٥٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 540 ... » »»