تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥٣١
أخرج من أهل الكتاب من جزيرة العرب إلى الشام، أو: هذا أول حشرهم، وآخر حشرهم حشر يوم القيامة لأن المحشر يكون بالشام. (ما ظننتم أن يخرجوا) لشدة بأسهم، ووثاقة حصونهم، وكثرة عددهم وعدتهم، (وظنوا) أن حصونهم تمنعهم من بأس الله (فأتهم) أمر (الله من حيث لم يحتسبوا) من حيث لم يظنوا ولم يخطر ببالهم، وهو قتل رئيسهم كعب بن الأشرف، وذلك مما أضعف قلوبهم وسلبها الأمن والطمأنينة (وقذف) فيها (الرعب) وهو الخوف الذي يرعب الصدر أي: يملؤه وقرئ: (يخربون) و " يخربون " (1) من الإفعال والتفعيل، أي:
يهدمون بيوتهم من داخل ويخربون ما يستحسنونه منها حتى لا يكون للمسلمين، ويخربها المسلمون من خارج، ولما عرضوا المسلمين للتخريب وكانوا السبب فيه، فكأنهم أمروهم بذلك وكلفوهم إياه، (فاعتبروا) يا أهل البصائر بما دبر الله سبحانه من أمر إخراجهم، وتسليط المؤمنين عليهم من غير قتال.
(ولولا) أنه (كتب الله عليهم الجلاء) واقتضته حكمته (لعذبهم في الدنيا) بالقتل كما فعل بإخوانهم بني قريظة (ولهم في الأخرة عذاب النار) سواء أجلوا أو قتلوا.
و اللينة: النخلة، وياؤها واو لأنها من: " اللون "، وقيل: هي النخلة الكريمة (2)، من: " اللين "، و (من لينة) بيان ل‍ (- ما قطعتم) ومحل (ما) نصب ب‍ (قطعتم) كأنه قال: أي شيء قطعتم؟ وأنث الضمير الراجع إلى ما في قوله: (أو تركتموها) لأنه في معنى " اللينة "، (فبإذن الله) فقطعها بإذن الله وأمره، (وليخزى الفسقين) وليذل اليهود وليغيظهم في قطعها، وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر أن

(١) وهي قراءة أبي عمرو وحده. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص ٦٣٢.
(٢) قاله سفيان. راجع التبيان: ج ٩ ص ٥٦١.
(٥٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 525 526 527 529 530 531 532 533 534 535 536 ... » »»