تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٤٧٥
وقد أخر (خلق الانسن) عن ذكره ليعلم أنه إنما خلقه ليعلم وحيه، فما خلق الإنسان من أجله كان مقدما عليه.
ثم ذكر ما يميز به الإنسان من سائر الحيوان من (البيان) وهو النطق المعرب عما في الضمير، وقيل: إن (الإنسن) آدم (عليه السلام)، و (البيان) اللغات كلها وأسماء كل شيء (1). وقيل: (الإنسن) محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، و (البيان) ما كان وما يكون (2).
وعن الصادق (عليه السلام): (البيان) الاسم الأعظم الذي علم به كل شىء.
(الشمس والقمر بحسبان) بحساب معلوم وتقدير سوي يجريان في بروجهما ومنازلهما، وفي ذلك منافع عظيمة للناس منها: علم السنين والحساب.
(والنجم): النبات الذي ينجم من الأرض لا ساق له كالبقول (والشجر): الذي له ساق، وسجودهما: انقيادهما لله تعالى فيما خلقا له، أو: ما فيهما من الدلالة على حدوثهما، وأن لهما صانعا محدثا. واتصلت هاتان الجملتان ب‍ (الرحمن) اتصالا معنويا، وهو ما علم أن الحسبان حسبانه، والسجود له لا لغيره، فكأنه قال:
بحسبانه ويسجدان له.
(والسمآء رفعها) خلقها مرفوعة مسموكة، حيث جعلها منشأ أحكامه، ومنتزل أوامره ونواهيه، ومسكن ملائكته الذين يهبطون بالوحي على رسله (ووضع الميزان) وهو كل ما يوزن به الأشياء، ويعرف مقاديرها، ليوصل به إلى الإنصاف والانتصاف، وقيل: المراد به العدل (3). (أن لا تطغوا) لئلا تطغوا، أو:
هي " أن " المفسرة. (وأقيموا الوزن بالقسط) أي: قوموا وزنكم بالعدل،

(١) قاله ابن عباس وقتادة والحسن كما في تفسير القرطبي: ج ١٧ ص ١٥٢.
(2) وهو قول ابن عباس أيضا وابن كيسان. راجع المصدر السابق.
(3) قاله مجاهد وقتادة والسدي. راجع تفسير الماوردي: ج 5 ص 424.
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 469 470 471 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»