تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٤١٦
(وجآءت سكرة الموت) أي: شدته الذاهبة بالعقل، والباء في (بالحق) للتعدية، أي: وأحضرت شدة الموت حقيقة الأمر من السعادة أو الشقاوة، وقيل:
بالحق الذي خلق له الإنسان (١)، ويجوز أن يكون الباء مثلها في قوله: ﴿تنبت بالدهن﴾ (2) أي: جاءت ملتبسة بالحق أي: بحقيقة الأمر أو بالحكمة والغرض الصحيح، وقرئ: " سكرة الحق بالموت " (3) وروي ذلك عن أئمتنا (عليهم السلام) (4)، أضيفت " السكرة " إلى " الحق " دلالة على أنه السكرة المكتوبة على الإنسان، وأنها حكمة، والباء للتعدية؛ لأنها سبب زهوق الروح لشدتها، أو: لأن الموت يعقبها، فكأنها جاءت به، ويجوز أن يكون المعنى: جاءت ومعها الموت، وقيل:
سكرة الحق: سكرة الله أضيفت إليه تعظيما وتفظيعا لشأنها (5) (ذلك) إشارة إلى الموت، والخطاب للإنسان في قوله: (ولقد خلقنا الإنسن) على طريق الالتفات، أو: إلى الحق، والخطاب للفاجر (تحيد) أي: تهرب وتنفر، (ذلك) إشارة إلى مصدر (نفخ) أي: وقت ذلك يوم الوعيد فحذف المضاف.
(وجآءت كل نفس معها سآئق وشهيد (21) لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطآءك فبصرك اليوم حديد (22) وقال قرينه هذا ما لدى عتيد (23) ألقيا في جهنم كل كفار عنيد (24) مناع للخير معتد مريب (25) الذي جعل مع الله إلها ءاخر فألقياه في العذاب الشديد (26) قال قرينه ربنا مآ أطغيته ولكن كان في ضلل

(١) قاله الزجاج في معاني القرآن: ج ٥ ص ٤٥.
(٢) المؤمنون: ٢٠.
(٣) وهي قراءة أبي بكر وابن مسعود. راجع التبيان: ج ٩ ص ٣٦٥.
(4) أنظر المصدر السابق.
(5) حكاه الطبري في تفسيره: ج 11 ص 418.
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»