تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٦٧
النصب على الحال، أي: مستقرة فيها أنهار. وفي قراءة علي (عليه السلام): " أمثال الجنة " (1) أي: ما صفاتها كصفات النار، وقرئ: " أسن " (2) يقال: أسن الماء وأجن: إذا تغير طعمه وريحه، فهو آسن وأسن. (من لبن لم يتغير طعمه) كما يتغير ألبان الدنيا، فلا يصير قارصا ولا حازرا (3) (لذة) تأنيث " لذ " وهو اللذيذ، أو: وصف بمصدر أي: يلتذون بها ولا يتأذون بعاقبتها بخلاف خمر الدنيا التي لا تخلو من المرارة والخمار والصداع (مصفى) أي: خالص من الشمع والقذى والأذى (ولهم) مع ذلك (فيها من كل الثمرت ومغفرة من ربهم) أي: ستر لذنوبهم وإنساء لسيئاتهم، حتى لا يتنغص عليهم النعيم (وسقوا مآء حميما) شديد الحر، روي: أنه إذا دني منهم شوى وجوههم وانمازت فروة رؤوسهم، فإذا شربوه قطع أمعاءهم (4).
(ومنهم من يستمع إليك) وهم المنافقون، أي: يستمعون إلى كلامك فيسمعونه ولا يعونه، فإذا (خرجوا من عندك قالوا للذين) آتاهم الله (العلم) من المؤمنين (ماذا قال ءانفا) أي شيء قال الساعة؟ وإنما قالوه استهزاء وقلة مبالاة به، يعنون: أنا لم نشتغل بوعيه وفهمه، قال الزجاج: هو من [قولك:] استأنفت الشيء إذا ابتدأته، والمعنى: ماذا قال في أول وقت يقرب منا؟! (5) وعن الأصبغ بن نباتة عن علي (عليه السلام) قال: إنا كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيخبرنا بالوحي، فأعيه أنا ومن يعيه، فإذا خرجنا قالوا: ماذا قال آنفا.

(١) حكاه عنه (عليه السلام) الفراء في معاني القرآن: ج ٣ ص ٦٠.
(٢) وهي قراءة ابن كثير وحده. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص ٦٠٠.
(٣) قال الجوهري: القارص: اللبن الذي يحذي اللسان، وفي المثل: " عدا القارص فحزر " أي:
جاوز إلا أن حمض. الصحاح: مادة " قرص ".
(٤) رواه الطبري في تفسيره: ج ١١ ص ٣١٥ باسناده إلى أبي أمامة الباهلي.
(٥) معاني القرآن وإعرابه: ج 5 ص 10.
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»