تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٦٦
زادهم هدى وءاتاهم تقولهم (17) فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جآء أشراطها فأنى لهم إذا جآءتهم ذكراهم (18) فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنت والله يعلم متقلبكم ومثواكم (19) ويقول الذين ءامنوا لولا نزلت سورة فإذ آ أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت فأولى لهم (20)) قوله: (مثل الجنة... كمن هو خلد) كلام في صورة الإثبات، والمعنى: النفي والإنكار؛ لانطوائه تحت كلام مصدر بحرف الإنكار ودخوله في حيزه، وهو قوله:
(أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله) فكأنه قال: أمثل الجنة كمثل جزاء من هو خالد في النار، وفي تعريته من حرف الإنكار زيادة تصوير لمكابرة من يسوي بين المتمسك بالبينة والمتبع لهواه، وأنه بمنزلة من يسوي بين الجنة التي فيها تلك الأنهار وبين النار التي يسقى أهلها الحميم، ونظيره قول القائل:
أفرح أن ارزأ الكرام وأن * أورث ذودا شصائصا نبلا (1) فإنه إنكار للفرح برزئة الكرام ووراثة الذود مع تعري الكلام عن حرف الإنكار، لانطوائه تحت حكم قول من قال له: أتفرح بموت أخيك وبوراثة إبله؟
فكأنه قال: أمثلي يفرح بذلك! وهو من التسليم الذي تحته كل إنكار، و (مثل الجنة) صفة الجنة العجيبة الشأن، وهو مبتدأ وخبره (كمن هو خلد)، وقوله:
(فيها أنهر) داخل في حكم الصلة كالتكرير لها. ويجوز أن يكون في محل

(1) البيت منسوب لحضرمي بن عامر من أبيات يخاطب بها جزء بن سنان حين اتهمه بفرحه وسروره بأخذ دية أخيه القتيل. راجع شرح شواهد الكشاف للأفندي: ص 271.
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»