تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٦١
وقوله: (وءامنوا بما نزل على محمد) (صلى الله عليه وآله وسلم) اختصاص للإيمان بما نزل على رسول الله من بين ما يجب الإيمان به تعظيما لشأنه، وإيذانا بأن الإيمان لا يتم إلا به، وأكد ذلك بالجملة الاعتراضية التي هي قوله: (وهو الحق من ربهم)، وقيل: معناه: أن دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الحق إذ لا يرد عليه النسخ وهو ناسخ لغيره (1)، (وأصلح بالهم) أي: حالهم وشأنهم بأن نصرهم على أعدائهم في الدنيا، ويدخلهم الجنة في العقبى.
(ذلك) مبتدأ، أي: ذلك الأمر وهو إضلال أعمال أحد الفريقين، وتكفير سيئات الآخرين وإصلاح بالهم كائن بسبب اتباع هؤلاء الباطل وهؤلاء الحق، ويجوز أن يكون (ذلك) خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر ذلك بهذا السبب، فيكون محل الجار والمجرور منصوبا على هذا الوجه، ومرفوعا على الأول، و (البطل): ما لا ينتفع به، وعن قتادة: الباطل: الشيطان (2) (كذلك) أي: مثل ذلك الضرب (يضرب الله للناس أمثلهم) والضمير راجع إلى (الناس) أو إلى المذكورين، قيل: من الفريقين (3)، أي: يضرب أمثالهم للناس لأجل الناس ليعتبروا بهم، وضرب المثل هو في أن جعل الإضلال مثلا لخيبة الكافرين، وإصلاح البال مثلا لفوز المؤمنين، أو: في أن جعل الحق كأنه دعا المؤمنين إلى نفسه فأجابه، والباطل كأنه دعا الكافرين إلى نفسه فأجابه.
(فإذا لقيتم) هو من اللقاء بمعنى الحرب (فضرب الرقاب) أصله: فاضربوا الرقاب ضربا، فحذف الفعل وقدم المصدر وأنيب منابه مضافا إلى المفعول،

(١) قاله السمرقندي في تفسيره: ج ٣ ص ٢٣٩.
(٢) في الكشاف: ج ٤ ص ٣١٥ عن مجاهد.
(٣) قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 5 ص 6.
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»