(برآء) يستوي فيه الواحد والاثنان والجماعة، والمذكر والمؤنث؛ لأنه مصدر، يقال: نحن البراء منك والخلاء منك. (الذي فطرنى) يجوز أن يكون منصوبا على أنه استثناء منقطع، كأنه قال: لكن الذي فطرني وأنشأني فإنه (سيهدين)، وأن يكون مجرورا بدلا من المجرور ب " من " كأنه قال: إني براء مما تعبدون إلا من الذي فطرني. وعن قتادة: كانوا يقولون: الله ربنا مع عبادتهم الأصنام (1)، ويجوز أن يكون " ما " موصوفة في (ما تعبدون)، و (إلا) صفة بمعنى " غير "، ويكون التقدير: إنني براء من آلهة تعبدونها غير الذي فطرني.
(وجعلها) أي: جعل إبراهيم كلمة التوحيد التي تكلم بها (كلمة باقية في عقبه) في ذريته، فلا يزال فيهم من يوحد الله ويدعو إلى توحيده، وقيل: وجعلها الله (2).
وعن الصادق (عليه السلام): " الكلمة الباقية في عقبه هي الإمامة إلى يوم القيامة " (3).
وعن السدي: هم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (4).
(لعلهم يرجعون) لعل من أشرك منهم يرجع بدعاء من وحد منهم. (بل متعت هؤلاء) يعني: أهل مكة وهم من عقب إبراهيم بالمد في العمر والنعمة، فاغتروا بالمهلة، وشغلوا باتباع الشهوات عن كلمة التوحيد (حتى جاءهم الحق) وهو القرآن (ورسول مبين) الرسالة واضحها بما معه من المعجزات، فكذبوه وسموه ساحرا وما جاء به سحرا.