لأنه إذا جعل الملائكة جزءا له وبعضا منه فقد جعله من جنسه ومماثلا له، لأن الولد إنما يكون من جنس الوالد (ظل وجهه مسودا) غيظا وأسفا (وهو كظيم) مملوء من الكرب. ثم قال: (أو) يجعل للرحمن من الولد من هذه صفته وهو أنه (ينشؤا في الحلية) أي: يتربى في الزينة والنعمة، وهو إذا احتاج إلى مجاثاة الخصوم ومخاصمة الرجال كان (غير مبين) ليس عنده بيان، ولا يأتي ببرهان يحج به من خاصمه، وذلك لضعف عقول النساء.
وقرئ: " عند الرحمن " (1) وهو مثل لاختصاصهم وزلفاهم و (عبد الرحمن) وقرئ: " ينشأ " (2) و (ينشؤا)، ومعنى (جعلوا) سموا وقالوا: إنهم إناث، وقرئ " أأشهدوا " بهمزتين مفتوحة ومضمومة (3)، و " آأشهدوا " بألف بين الهمزتين (4)، وهذا تهكم بهم، يعني: أنهم كانوا يقولون ذلك بغير علم ودليل، فلم يبق إلا أن يشاهدوا (خلقهم) فأخبروا عن المشاهدة (ستكتب شهادتهم) التي شهدوا بها على الملائكة (ويسئلون) وهذا وعيد.
(وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدنهم) هما نوعان من الكفر: عبادتهم الملائكة، وزعمهم أن عبادتهم بمشيئة الله كما قال إخوانهم المجبرة، ثم كذبهم سبحانه بقوله: (إن هم إلا يخرصون) أي: يكذبون.
(أم ءاتينهم كتبا من قبله ى فهم به ى مستمسكون (21) بل قالوا إنا وجدنآ ءابآءنا على أمة وإنا على ءاثرهم مهتدون (22) وكذا لك مآ