ورسول مبين (29) ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون) (30) خمس آيات بلا خلاف.
يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله واذكر يا محمد (إذ قال إبراهيم لأبيه وقومه) حين رآهم يعبدون الأصنام والكواكب (إنني براء مما تعبدون) أي برئ من عبادتكم الأصنام والكواكب فقوله (براء) مصدر وقع موقع الوصف، لا يثني ولا يجمع ولا يؤنث. ثم استثنى من جملة ما كانوا يعبدونه الله تعالى فقال (إلا الذي فطرني) معناه إني برئ من كل معبود سوى الله تعالى الذي فطرني أي خلقني وابتدأني، وتقديره إلا من الذي فطرني. وقال قتادة: كانوا يقولون الله ربنا مع عبادتهم الأوثان (فإنه سيهدين) في ما بعد. والمعنى انه سيهديني إلى طريق الجنة بلطف من ألطافه يكون داعيا إلى أن أتمسك به حتى يؤديني إليها، وإنما قال ذلك ثقة بالله تعالى ودعاء لقومه إلى أن يطلبوا الهداية من ربه. والتبري من كل معبود من دون الله واجب بحكم العقل، كما يجب ذمهم على فعل القبيح لما في ذلك من الزجر عن القبيح والردع عن الظلم، فكذلك يجب قبول قول من أخلص عبادة الله، كما يجب مدحه على فعله.
وقوله (وجعلها كلمة باقية في عقبه) معناه جعل هذه الكلمة التي قالها إبراهيم كلمة باقية في عقبه بما أوصى به مما أظهره الله من قوله إجلالا له وتنزيها له ورفعا لقدره بما كان منه من جلالة الطاعة والصبر على أمر الله. وقال قتادة ومجاهد والسدي: معنى قوله (وجعلها كلمة باقية في عقبه) قوله: لا إله إلا الله لم يزل في ذريته من يقولها وقال ابن زيد: هو الاسلام بدلالة قوله (هو سماكم