كان أمر آلهتنا هينا!! ما ضربوا هذا المثل لك إلا لأجل الجدل والغلبة في القول لا لطلب المعرفة (بل هم قوم خصمون) دأبهم الخصومة (١) واللجاج. وذلك أن قوله: ﴿إنكم وما تعبدون﴾ (2) ما أريد به إلا الأصنام، ومحال أن يقصد به الأنبياء والملائكة.
وثانيها: أنهم لما سمعوا أن مثل عيسى عند الله كمثل آدم، قالوا: نحن أهدى من النصارى؛ لأنهم عبدوا آدميا ونحن نعبد الملائكة، فنزلت (3). فعلى هذا يكون في قولهم: (ءألهتنا خير أم هو) تفضيل آلهتهم على عيسى!! وما قالوا هذا القول إلا للجدل، أو يكون (جدلا) حالا بمعنى: جدلين.
وثالثها: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما مدح المسيح وأمه قالوا: ما يريد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا إلا أن نعبده كما عبدت النصارى المسيح (4). ومعنى (يصدون): يضجرون ويضجون، والضمير في (أم هو) لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وغرضهم بالموازنة بينه وبين آلهتهم السخرية والاستهزاء.
والمروي عن أهل البيت (عليهم السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: جئت إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما فوجدته في ملأ من قريش، فنظر إلي ثم قال: " يا علي، إنما مثلك في هذه الأمة كمثل عيسى بن مريم، أحبه قوم وأفرطوا في حبه فهلكوا، وأبغضه قوم وأفرطوا في بغضه فهلكوا، واقتصد فيه قوم فنجوا " فعظم ذلك عليهم وضحكوا، فنزلت الآية (5).
(إن هو إلا عبد) أي: ما عيسى إلا عبد كسائر العبيد (أنعمنا عليه) حيث