" لابد " فعل من الجرم وهو القطع (١)، كما أن " بدا " فعل من التبديد وهو التفريق، فكما أن معنى " لابد أنك تفعل كذا " بمعنى " لا بد لك من فعله " فكذلك ﴿لا جرم أن لهم النار﴾ (2) بمعنى " لا قطع لذلك " أي: يستحقون النار أبدا، لا انقطاع لاستحقاقهم، ولا قطع لبطلان دعوة الأصنام، أي: لا تزال باطلة لا ينقطع ذلك فينقلب حقا، ومعناه: (أنما تدعوننى إليه ليس له دعوة) إلى نفسه قط، ولا يدعي إلهية، وقيل: ليس له استجابة دعوة تنفع في الدنيا ولا في الآخرة أو دعوة مستجابة (3)، جعل الدعوة التي لا منفعة لها كلادعوة، أو سميت الاستجابة باسم الدعوة كما سمي الفعل المجازى عليه باسم الجزاء في قولهم: " كما تدين تدان " (4).
(فستذكرون) عند نزول العذاب بكم، أو يوم القيامة صحة (مآ أقول لكم) من النصح، وأسلم (أمرى إلى الله) وأتوكل عليه.
(النار) بدل من (سوء العذاب)، أو: خبر مبتدأ محذوف أي: هو النار، أو:
مبتدأ خبره (يعرضون عليها غدوا وعشيا) أي: يعذبون بها في هذين الوقتين، وفيما بين ذلك الله أعلم بحالهم، فإما أن يعذبوا بجنس آخر من العذاب، أو ينفس عنهم، فإذا قامت القيامة قيل لهم: " ادخلوا (5) يا آل فرعون أشد عذاب جهنم " وقرئ: (أدخلوا) أي: يقال لخزنة جهنم: أدخلوهم. وفي هذه الآية دلالة على صحة عذاب القبر.
(وإذ يتحآجون في النار فيقول الضعفؤا للذين استكبروا إنا كنا