تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢٤٥
ومنبعهما، كما قال سبحانه: ﴿فإنه آثم قلبه﴾ (1)، والإثم هو الجملة، أو يكون على حذف المضاف أي: على كل ذي قلب (متكبر)، ومن قرأ على الإضافة فالمعنى:
يطبع الله على القلوب إذا كانت قلبا من كل متكبر، وحذف " كل " لتقدم ذكره كما جاء في المثل: " ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة " (2) فحذف " كل " لتقدم ذكره.
والصرح: البناء الظاهر الذي لا يخفى على الناظر وإن بعد، من صرح الشيء إذا ظهر، وهامان: وزير فرعون وصاحب أمره، وأسباب السماوات: طرقها وأبوابها وما يؤدي إليها، وكل ما أوصلك إلى شيء فهو سبب إليه كالرشاء ونحوه.
وفائدة التكرير أنه لما أراد تفخيم ما أمل بلوغه من أسباب السماوات أبهمها ثم أوضحها (فأطلع) قرئ بالرفع (3) والنصب، للعطف على (أبلغ)، والنصب على جواب الترجي تشبيها للترجي بالتمني (وكذلك) أي: ومثل ذلك التزيين وذلك الصد (زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل)، وقرئ: " صد " على البناء للفاعل (4) بمعنى: أنه صد نفسه أو صد غيره (وما كيد فرعون) في إبطال آيات موسى (عليه السلام) (إلا في تباب) أي: خسار لا ينفعه.
ثم عاد إلى ذكر نصيحة مؤمن آل فرعون فأجمل لهم بأن قال: (أهدكم سبيل الرشاد)، ثم فسر فافتتح بذم الدنيا وتحقير شأنها، لأن الركون إليها أصل لكل شر وإثم، وجالب لسخط الله وعقابه، ثم ثنى بتعظيم الآخرة فإنها (دار القرار)

(١) البقرة: ٢٨٣.
(2) انظر مجمع الأمثال للميداني: ج 2 ص 236.
(3) قرأه عاصم برواية أبي بكر عنه. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 570.
(4) قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر. راجع المصدر السابق.
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»