تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٦
ذلك الوجوب وجب على الكفرة كونهم من أصحاب النار، والمعنى: كما وجب إهلاكهم في الدنيا بعذاب الاستئصال كذلك وجب إهلاكهم في الآخرة بعذاب النار، أو في محل النصب على حذف لام التعليل وإيصال الفعل، و (الذين كفروا) كفار مكة أي: كما وجب إهلاك أولئك الأمم كذلك وجب إهلاك هؤلاء، لأن علة واحدة تجمعهم أنهم من أصحاب النار، وقرئ: " كلمات " على الجمع (1).
ثم ذكر سبحانه بعد ذكر حال الكفار حال المؤمنين الأبرار وأن الملائكة المقربين يمدونهم بالاستغفار فقال: (الذين يحملون العرش) على عواتقهم امتثالا لأمر الله (ومن) حول العرش من الملائكة المطيفين به وهم الكروبيون وسادة الملائكة (يسبحون بحمد ربهم) وينزهونه عما يصفه به هؤلاء المجادلون، أو: يسبحونه بالتسبيح المعهود، أي يقولون: (ربنا) وهذا المضمر (2) في محل الرفع بيانا ل‍ (يستغفرون) أو نصب حالا، (وسعت كل شىء رحمة وعلما) الرحمة والعلم هما اللذان وسعا كل شيء في المعنى، والأصل: وسع كل شئ رحمتك وعلمك، فأسند الفعل إلى صاحبهما وأخرجا منصوبين على التمييز للإغراق في وصفه بالرحمة، كأن ذاته سبحانه رحمة وعلم واسعان كل شيء (فاغفر للذين) علمت منهم التوبة واتباع (سبيلك) وسبيل الله: الحق الذي دعا عباده إليه، وفي هذا دلالة على أن قبول التوبة وإسقاط العقاب عندها تفضل من الله تعالى، إذ لو كان واجبا لما احتيج فيه إلى الدعاء والسؤال.
(وقهم السيئات) أي: العقوبات، سماها سيئات اتساعا، أو: جزاء السيئات فحذف المضاف.

(1) قرأه نافع وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 567.
(2) في نسخة: " الضمير ".
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»