(ولقد أوحى إليك) لئن أشركت (وإلى الذين من قبلك) مثله، أو: أوحي إليك وإلى كل واحد منهم (لئن أشركت) كقوله: وكسانا حلة أي: كل واحد منا، واللام الأولى لتوطئة القسم، والثانية لام الجواب، وهذا الكلام إنما أتى على سبيل الفرض، والتقدير: فإن رسل الله منزهون عن الشرك، والمحال يصح فرضه لغرض فكيف ما هو دونه؟
(بل الله فاعبد) رد لما أمروه به من استسلام بعض آلهتهم كأنه قال: لا تعبد ما أمروك بعبادته، بل إن كنت قد تثبت فاعبد الله، فحذف الشرط وجعل تقديم المفعول عوضا عنه.
لما كان العظيم من الأشياء إذا عرفه الإنسان حق معرفته وقدره في نفسه حق تقديره عظمه حق تعظيمه، قال سبحانه: (وما قدروا الله حق قدره) بمعنى: وما عظموه كنه تعظيمه اذ عبدوا غيره وأمروا نبيه بعبادة غيره، ثم نبههم على عظمته على طريق التخييل فقال: (والأرض جميعا قبضته يوم القيمة والسموت مطويت بيمينه) وهو تصوير لجلالته وعظمة شأنه لا غير، من غير أن تصور قبضته بهن، ويمين لا حقيقة ولا مجازا وأكد " الأرض " بقوله: (جميعا) قبل مجيء الخبر، ليعلم أن الخبر لا يقع عن أرض واحدة، والمعنى: والأرضون جميعا ذوات قبضة يقبضهن قبضة واحدة، أي: أنها بأجمعها مع عظمها لا تبلغ إلا قبضة واحدة من قبضاته، كأنه يقبضها قبضة بكف واحدة. قوله: (مطويت) من الطي الذي هو ضد النشر، كما قال: ﴿يوم نطوى السمآء كطى السجل للكتب﴾ (1) والعادة أن يطوى السجل باليمين، وقيل: قبضته: ملكه بلا منازع، وبيمينه: