تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٤١
وملقى ظله (فإذا هم مظلمون) أي: داخلون في ظلام الليل لا ضياء لهم فيه.
(والشمس تجرى لمستقر لها) أي: لحد لها موقت مقدر تنتهي إليه من فلكها في آخر السنة، شبه بمستقر المسافر إذا قطع مسيره، أو: منتهى لها من المشارق والمغارب حتى تبلغ أقصاها فذلك مستقرها لأنها لا تعدوه، أو: لحد لها من مسيرها كل يوم في مرائي عيوننا وهو المغرب، وقرأ ابن مسعود: " لا مستقر لها " (1) وهو قراءة أهل البيت (عليهم السلام) (2) ومعناه: أنها لا تزال تجري لا تستقر ذلك الجري على ذلك التقدير والحساب الدقيق الذي يكل الفطن عن استخراجه، تقدير الغالب بقدرته على كل مقدور، المحيط علما بكل معلوم.
وقرئ: (والقمر) بالرفع (3) على الابتداء أو عطفا على (الليل) أي: ومن آياته القمر، وبالنصب بفعل مضمر يفسره (قدرنه). والمعنى: قدرنا مسيره (منازل) وهي ثمانية وعشرون منزلا، ينزل كل ليلة في واحد منها لا يتخطؤه ولا يتقاصر عنه، على تقدير مستو (حتى عاد كالعرجون القديم) وهو عود العذق الذي تقادم عهده حتى يبس وتقوس، وقيل: إنه يصير كذلك في كل ستة أشهر (4)، قال الزجاج: هو فعلون من الانعراج وهو الانعطاف (5) والقديم يدق وينحني ويصفر، فشبه القمر به من ثلاثة أوجه.
(لا الشمس ينبغى لهآ أن تدرك القمر) في سرعة سيره فإنها تقطع منازلها

(١) حكاه عنه ابن خالويه في شواذ القرآن: ص ١٢٧.
(٢) ذكرها ابن خالويه في الشواذ ونسبها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفي البحر المحيط لأبي حيان: ج ٧ ص ٣٣٦: عن الإمام زين العابدين وولده الباقر والصادق (عليهم السلام).
(٣) قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص ٥٤٠.
(٤) كما روي عن الإمام علي (عليه السلام) كما في إرشاد المفيد: ص ١١٨، وعن الرضا (عليه السلام) كما في تفسير القمي: ج ٢ ص ٢١٥.
(٥) معاني القرآن: ج 4 ص 288.
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»