الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٢٨٤
كلا لينبذن في الحطمة. وما أدراك ما الحطمة. نار الله الموقدة. التي تطلع على الأفئدة. إنها عليهم مؤصدة. في عمد ممددة.
____________________
البنيان الموثق بالصخر والآجر وغرس الأشجار وعمارة الأرض عمل من يظن أن ماله أبقاه حيا، أو هو تعريض بالعمل الصالح وأنه هو الذي أخلد صاحبه في النعيم، فأما المال فما أخلد أحدا فيه. وروي أنه كان للأخنس أربعة آلاف دينار، وقيل عشرة آلاف. وعن الحسن أنه عاد موسرا فقال: ما تقول في ألوف لم أفتد بها من لئيم ولا تفضلت على كريم؟ قال: ولكن لماذا؟ قال: لنبوة الزمان وجفوة السلطان ونوائب الدهر ومخافة الفقر، قال: إذن تدعه لمن لا يحمدك وترد على من لا يعذرك (كلا) ردع له عن حسبانه. وقرئ لينبذان: أي هو وماله، ولينبذن بضم الذال: أي هو وأنصاره، ولينبذنه (في الحطمة) في النار التي من شأنها أن تحطم كل ما يلقى فيها، ويقال للرجل الأكول إنه لحطمة، وقرئ الحاطمة: يعني أنها تدخل في أجوافهم حتى لا تصل إلى صدورهم وتطلع على أفئدتهم وهي أوساط القلوب ولا شئ في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد ولا أشد تألما منه بأدنى أذى يمسه، فكيف إذا أطلعت عليه نار جهنم واستولت عليه. ويجوز أن يخص الأفئدة لأنهما مواطن الكفر والعقائد الفاسدة والنيات الخبيثة. ومعنى اطلاع النار عليها أنها تعلوها وتغليها وتشتمل عليها أو تطالع على سبيل المجاز معادن موجبها (مؤصدة) مطبقة، قال:
تحن إلى أجبال مكة ناقتي * ومن دونها أبواب صنعاء مؤصدة وقرئ في عمد بضمتين وعمد بسكون الميم وعمد بفتحتين، والمعنى: أنه يؤكد بأسهم من الخروج وتيقنهم بحبس الأبد فتؤصد عليهم الأبواب وتمدد على الأبواب العمد استيثاقا في استيثاق. ويجوز أن يكون المعنى: إنها عليهم مؤصدة موثقين في عمد ممددة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص. اللهم أجرنا من النار يا خير مستجار.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الهمزة أعطاه الله عشر حسنات بعدد من استهزأ بمحمد وأصحابه ".
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»