الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٢٨٨
سورة أرأيت مكية. وهي سبع آيات بسم الله الرحمن الرحيم أرأيت الذي يكذب بالدين.
____________________
وقرأ عكرمة ليألف قريش إلفهم رحلة الشتاء والصيف. وقريش: ولد النضر بن كنانة، سموا بتصغير القرش، وهو دابة عظمية في البحر تعبث بالسفن ولا تطاق إلا بالنار. وعن معاوية أنه سأل ابن عباس رضي الله عنهما بم سميت قريش؟ قال: بدابة في البحر تأكل ولا تؤكل وتعلو ولا تعلى وأنشد:
وقريش هي التي تسكن البحر * بها سميت قريش قريشا والتصغير للتعظيم. وقيل من القرش وهو الكسب لأنهم كانوا كسابين لتجاراتهم وضربهم في البلاد. أطلق الإيلاف ثم أبدل عنه المقيد بالرحلتين تفخيما لأمر الإيلاف وتذكيرا بعظيم النعمة فيه، ونصب الرحلة بإيلافهم مفعولا به كما نصب يتيما بإطعام. وأراد رحلتي الشتاء والصيف فأفرد لأمن الإلباس كقوله - كلوا في بعض بطنكم.
وقرئ رحلة بالضم وهي الجهة التي يرحل إليها. والتنكير في جوع وخوف لشدتهما: يعني أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما وآمنهم من خوف عظيم وهو خوف أصحاب الفيل أو خوف التخطف في بلدهم ومسايرهم وقيل كانوا قد أصابتهم شدة حتى أكلوا الجيف والعظام المحرقة، وآمنهم من خوف الجذام فلا يصيبهم ببلدهم.
وقيل ذلك كله بدعاء إبراهيم صلوات الله عليه، ومن بدع التفاسير: وآمنهم من خوف من أن تكون الخلافة في غيرهم. وقرئ من خوف بإخفاء النون. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة لإيلاف قريش أعطاه الله عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة واعتكف بها ".
سورة أرأيت مكية، وقيل مدنية. وهي سبع آيات (بسم الله الرحمن الرحيم) قرئ أريت بحذف الهمزة وليس بالاختيار لأن حذفها مختص بالمضارع، ولم يصح عن العرب ريت ولكن الذي سهل من أمرها وقوع حرف الاستفهام في أول الكلام، ونحوه:
صاح هل ريت أو سمعت براع * رد في الضرع ما قرى في العلاب
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»