ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون. إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين.
____________________
الله (فإن الذكرى تنفع المؤمنين) أي تؤثر في الذين عرف الله منهم أنهم يدخلون في الإيمان أو يزيد الداخلين فيه إيمانا، وروى أنه لما نزلت فتول عنهم حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد ذلك على أصحابه ورأوا أن الوحي قد انقطع وأن العذاب قد حضر فأنزل الله وذكر: أي وما خلقت الجن والأنس إلا لأجل العبادة، ولم أراد من جميعهم إلا إياها. فإن قلت: لو كان مريدا للعبادة منهم لكانوا كلهم عبادا. قلت: إنما أراد منهم إن يعبدوه مختارين للعبادة لا مضطرين إليها لأنه خلقهم ممكنين، فاختار بعضهم ترك العبادة مع كونه مريدا لها، ولو أرادها على القسر والإلجاء لوجدت من جميعهم. يريد إن شأني مع عبادي ليس كشأن السادة مع عبيدهم، فإن ملاك العبيد إنما يملكونهم ليستعينوا بهم في تحصيل معايشهم وأرزاقهم، فإما مجهز في تجارة ليفئ ربحا أو مرتب في فلاحة ليغتل أرضا، أو مسلم في حرفة لينتفع بأجرته، أو محتطب أو محتش أو مستق أو طابخ أو خابز وما أشبه ذلك من الأعمال والمهن التي هي تصرف في أسباب المعيشة وأبواب الرزق. فأما مالك ملك العبيد وقال لهم اشتغلوا بما يسعدكم في أنفسكم ولا أريد أن أصرفكم في تحصيل رزقي ولا رزقكم وأنا غنى عنكم وعن مرافقكم ومتفضل عليكم برزقكم وبما يصلحكم ويعيشكم من عندي فما هو إلا أنا وحدى (المتين) الشديد القوة. وقرئ بالرفع صفة لذو وبالجر صفة للقوة على تأويل الاقتدار. والمعنى في وصفه بالقوة والمتانة أنه القادر البليغ الاقتدار على كل شئ. وقرئ الرازق، وفى قراءة النبي صلى الله عليه وسلم إني أنا الرازق. الذنوب: الدلو العظيمة، وهذا تمثيل أصله في السقاة يتقسمون الماء فيكون لهذا ذنوب ولهذا ذنوب. قال:
لنا ذنوب ولكم ذنوب * فإن أبيتم فلنا القليب ولما قال عمرو بن شاس:
وفى كل حي قد خبطت بنعمة * فحق لشاس من نداك ذنوب
لنا ذنوب ولكم ذنوب * فإن أبيتم فلنا القليب ولما قال عمرو بن شاس:
وفى كل حي قد خبطت بنعمة * فحق لشاس من نداك ذنوب