الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٥١٨
قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله
____________________
بي وبكم. قلت: أجل ولكن النفي في ما أدرى لما كان مشتملا عليه لتناوله " ما " وما في حيزه صح ذلك وحسن، ألا ترى إلى قوله - أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعى بخلقهن بقادر - كيف دخلت الباء في حيز أن وذلك لتناول النفي إياها مع ما في حيزها. وما في ما يفعل يجوز أن تكون موصولة منصوبة وأن تكون استفهامية مرفوعة. وقرئ يوحى أي الله عز وجل. جواب الشرط محذوف تقديره: إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به ألستم ظالمين، ويدل على هذا المحذوف قوله تعالى - إن الله لا يهدى القوم الظالمين -. والشاهد من بني إسرائيل عبد الله بن سلام " لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة نظر إلى وجهه فعلم أنه ليس بوجه كذاب، وتأمله فتحقق أنه هو النبي المنتظر وقال له: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت، وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل نزعه وإن سبق ماء المرأة نزعته. فقال: أشهد أنك رسول الله حقا، ثم قال: يا رسول الله إن اليهود قوم بهت وإن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم عنى بهتوني عندك، فجاءت اليهود فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أي رجل عبد الله فيكم؟ فقالوا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا، قال:
أرأيتم إن أسلم عبد الله؟ قالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج إليهم عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، فقالوا: شرنا وابن شرنا وانتقصوه، قال: هذا ما كنت أخاف يا رسول الله وأحذر " قال سعد بن أبي وقاص " ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشى على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام، وفيه نزل (وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله) " الضمير للقرآن أو على مثله في المعنى وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة لمعاني القرآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك، ويدل عليه قوله تعالى - وإنه لفى زبر الأولين - إن هذا لفى الصحف الأولى - كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك - ويجوز أن يكون المعنى: إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد على نحو ذلك: يعنى كونه من عند الله. فإن قلت:
أخبرني عن نظم هذا الكلام لأقف على معناه من جهة النظم. قلت: الواو الأولى عاطفة لكفرتم على فعل الشرط
(٥١٨)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 ... » »»